طرق بديلة وعنف وموت: الوضع على طول “طريق البلقان”
في بداية الشهر الحالي استخدمت الشرطة اليونانية الغاز المسيل للدموع بالقرب من مدينة سالونيك، شمال البلاد، لمنع مهاجرين من الوصول إلى الحدود الشمالية مع دولة شمال مقدونيا (مقدونيا سابقاً). هدف هؤلاء المهاجرين هو الوصول إلى دول وسط وغرب أوروبا. أما ما دفعهم للتوجه إلى الحدود فكان انتشار سلسلة من الأخبار الكاذبة على شبكات التواصل اجتماعي، والتي ادعت أنه تم فتح الحدود اليونانية مع شمال مقدونيا وألبانيا. واستناداً على هذا الأخبار، توجه ألفا شخص إلى شمال اليونان، لكنهم عادوا إلى إلى أماكن إقامتهم خائبين بعد ثلاثة أيام.
يسعى العديد من المهاجرين، البالغ عددهم حوالي 70 ألف شخص في اليونان ومنطقة غرب البلقان، إلى التوجه إلى الشمال للوصول إلى دول غرب أوروبا، لكن تواجههم سلسلة من العقبات. فشمال مقدونيا وهنغاريا وضعتا شبكة أسلاك شائكة على حدودهما الجنوبية منذ عدة سنوات، كما أن بلغاريا معروفة بقمعها للمهاجرين. ورغم الانتقادات الشديدة من منظمات حقوق الإنسان والمفوضية الأوروبية، إلا أن هذه الأسباب أدت إلى نشوء طريق بديل لـ”طريق البلقان”.
اليونان
لا تزال اليونان إحدى نقاط انطلاق المهاجرين إلى غرب أوروبا. ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة فإن حوالي 60 ألف شخص (بين مهاجرين وطالبي لجوء ولاجئين) مازالوا في اليونان ويعيشون إما في منشآت سكنية أو مخيمات للاجئين. وتنتقد منظمات الإغاثة بشدة ظروف المعيشة في المخيمات الموجودة في الجزر اليونانية القريبة من السواحل التركية، حيث أنها مكتظة بالناس، ولا يستطيع اللاجئون فيها الوصول إلى حاجات أساسية، مثل المياه الصحية أو دورات المياه النظيفة.
وقد انخفض عدد المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان منذ اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا في عام 2016. فبعد أن تجاوز عددهم مليون شخص في عامي 2015 و2016 ، بلغ هذا العدد في العام الماضي 34 ألف شخص، بحسب الوكالة الأوروبية لحماية الحدود “فرونتكس”. بينما وصل عدد الذين عبروا إلى اليونان في العام الجاري إلى 5600 شخص، وفق المنظمة الدولية للهجرة. ومع ارتفاع درجات الحرارة، فإن هذا العدد قد يرتفع مجدداً.
في عام 2018 لقي 174 شخصاً حتفهم خلال محاولة العبور إلى اليونان، فيما بلغ عدد الوفيات هذا العام 10 على الأقل. وفي بداية الشهر الجاري تم غسل ثلاث جثث في جزيرة رودس.
البوسنة والهرسك
لا يمكن للمهاجرين الذين لا يحملون تصاريح دخول أن يعبروا الحدود من اليونان إلى مقدونيا ومن صربيا إلى المجر، وذلك فقد ظهر طريق بديل عبر ألبانيا والبوسنة والهرسك إلى كرواتيا. وبحسب المنظمة الدولية للهجرة فإن هناك 10 آلاف مهاجر حالياً في غرب البلقان، منهم حوالي 4 آلاف في البوسنة. وهذا ما يظهر أن منحى طريق المهاجرين في البلقان تغير إلى الشمال.
وتتوقع الحكومة البوسنية زيادة أخرى في عدد المهاجرين الذين يريدون عبور البلاد في طريقهم إلى دول غرب أوروبا. وتحدث وزير الأمن البوسني دراغان ميكتيتش في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية عن “تصاعد مشكلة الهجرة”. في العام الماضي قدم الاتحاد الأوروبي حوالي تسعة ملايين يورو للبوسنة من أجل استيعاب اللاجئين.
وتفصل بين البوسنة وكرواتيا حدود برية جبلية طويلة. لكن المهاجرين الذين يستطيعون عبور الحدود “تتم إعادتهم إلى البوسنة دون القيام بإجراءات اللجوء”، كما تقول منظمة العفو الدولية، التي تنتقد بشدة طريقة تعامل حرس الحدود الكرواتي مع المهاجرين.
وقالت المنظمة في تقرير نشر في آذار/مارس 2019: “وصف كثيرون (من المهاجرين) كيف تعرضوا للضرب والتخويف والسرقة وإتلاف وثائق سفرهم وهواتفهم المحمولة”. لكن كرواتيا تنفي هذه الادعاءات.
ألبانيا
تقع ألبانيا على الطريق من اليونان إلى البوسنة. وهي واحدة من أفقر الدول في أوروبا، حيث أن حوالي 20 ألف ألباني يقدمون سنوياً طلبات لجوء في إحدى الدول الأوروبية. ومنذ نشوء طريق البلقان البديل، تهاجم الشرطة الألبانية المهاجرين بشكل كبير. ففي حين كان عدد حالات اعتداء الشرطة على المهاجرين في عام 2017 نحو 750 حالة، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، وصل عدد هذه الحالات إلى 3400 في عام 2018.
وفي وقت سابق من هذا العام منظمة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس” وقّعت اتفاقية مع ألبانيا لمنع المهاجرين من عبور الحدود بطريقة غير قانونية. وتوجد اتفاقية مشابهة بين “فرونتكس” والجبل الأسود. لكن لم يتم حتى الآن تأكيد بعض التقارير الإعلامية التي تزعم ان ألبانيا ستوفر مركز استقبال للمهاجرين الذين سيتم إنقاذهم من البحر المتوسط.
شمال مقدونيا وبلغاريا
منذ أن اغلقت شمال مقدونيا حدودها مع اليونان بوجه المهاجرين، ماتزال تشهد هدوءاً في حركة المهاجرين. وبحسب المنظمة الدولية للهجرة يوجد في مقدونيا حالياً 35 مهاجراً.
وبعد الاشتباكات بين المهاجرين والشرطة اليونانية، عزّزت بلغاريا حماية حدودها، كما أعلن وزير الداخلية البلغاري. وقد أدت حملة بلغاريا ضد قدوم المهاجرين إلى تراجع واضح في أعدادهم. ففي حين تقدم نحو 20 ألف شخص بطلب اللجوء في بلغاريا في عامي 2015 و2016، بلغ عدد طلبات اللجوء فيها العام الماضي 2500 طلب، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
دوريس بوندي/م.ع.ح – مهاجر نيوز